اكد الدكتور اياد علاوي نائب رئيس الجمهورية، في الكلمة التي القاها خلال الجلسة اﻻفتتاحية ﻻعمال منتدى الدوحة الخامس عشر، اليوم، على ان الارهاب والتطرف والطائفية السياسية هي من ابرز التحديات التي تواجهها شعوب المنطقة، محذرا من التداعيات السلبية للمتغيرات الديمغرافية التي تفرضها عمليات التهجير القسري والنزوج في اعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة.
وفي حين ثمن الجهد الدولي للمنتدى في وضع تصورات لمواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة والعالم عبر عن قلقه من ان تؤدي اﻻحداث الجارية الى رسم خرائط جغرافية جديدة لبعض دول منطقة الشرق الاوسط الكبير، مشيرا الى وجود فشل كبير فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وفي محور ذي صلة قال: اننا “فقدنا الهوية الوطنية الجامعة، والطائفية السياسية والمناطقية تسببت بتهيئة المناخ والارضية المناسبة للارهاب والجماعات المتطرفة”، داعيا الى عقد مؤتمر اقليمي برعاية دولية لدعم السلام العالمي، مؤكدا ان هذه الدعوة قد حظيت بمباركة البعض ومنهم السيد الامين العام للامم المتحدة، وقد لفت السيد علاوي خلال كلمته الى انه ” على الصعيد الداخلي في العراق والمنطقة نكافح من اجل تحقيق مصالحة وطنية حقيقية “، مجددا مطالبته بعقد مؤتمر دولي برعاية الامم المتحدة لدعم مشاكل وافات النزوح والتهجير.
يذكر ان اعمال منتدى الدوحة الخامس عشر قد انطلقت اليوم برعاية امير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني وبحضور رؤساء دول وحكومات وشخصيات سياسية واكاديمية من 80 دولة لمناقشة آفاق الربيع وتداعياته.
وفيما يلي نص الكلمة:
حضرة الأخ صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني المحترم
أمير دولة قطر
حضرة الأخ صاحب السمو الشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني المحترم
نائب امير دولة قطر
معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير داخلية دولة قطر المحترم
أصحاب السمو والسيادة المحترمين
حضرات السيدات والسادة الحضور المحترمين
السلام عليكم ورحمة الله،
أغتنم هذه الفرصة لأعبر عن بالغ الشكر والتقدير لأخوتي أصحاب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والشيخ عبدالله بن حمد آل ثاني، والشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، ولشعب وحكومة دولة قطر الشقيقة، على الدعوة الكريمة، والجهود المخلصة لإنجاح فعاليات منتدى الدوحة، متمنياً التوفيق لهذا الجهد الدولي المشترك في وضع تصورات لمواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة والعالم، ويساهم في تحقيق تطلعات شعوبنا نحو السلام والاستقرار والتنمية.
إن الارهاب والتطرف والطائفية السياسية بأشكالها المتعددة هي من أبرز التحديات وتقع في مقدمة عوامل التهديد الجدي لكياناتنا الوطنية ونسيج مجتمعاتنا، ولمنجزات الانسان الحضارية ايضاً.
وللأسف، فإن التدخلات الخارجية ودعم بعض الدول لقوى التطرف قد فاقم الاحتقانات والازمات في كل بلداننا، مما يشكل خطراً على شعوبنا وعلى كل المجتمعات البشرية، من دون استثناء، حيث أدت هذه الاحتقانات الى أفرازات سلبية كثيرة، وفي مقدمتها متغيرات ديموغرافية بسبب النزوح والتهجير القسري الهائل، الذي تشهده مناطق واسعة في الشرق الاوسط الكبير، حيث بلغ عدد النازحين في سوريا اكثر من سبعة ملايين نازح ومهاجر، وفي العراق بحدود ثلاثة ملايين نازح داخل العراق عدا المهاجرين نتيجة الارهاب والتطهير العرقي والمذهبي، بالاضافة الى النزوح المستمر من السودان والصومال وليبيا واليمن وأجزاء أخرى من العالم، بالرغم من موت الآلاف غرقاً وجوعاً بحثاً عن حياة كريمة في دول أخرى. ولربما الخطر الاوسع من كل ما يجري هو عندما تؤدي التغييرات الديموغرافية الى اعادة رسم خرائط جديدة جغرافية وأخرى مجتمعية لبعض الدول في منطقة الشرق الاوسط الكبير وتأثيرات ذلك على دول العالم بأسره
ان ما يواجهه العالم اليوم من مخاطر تتلخص في الصراع المرير بين قوى التطرفِ والارهاب من جهة، وقوى الاعتدال والعقلانية من جهة أخرى، فضلاً عن أضطراب التوازن العالمي وتصاعد ألازمات الاقتصادية العالمية الخانقة، والتي عطلت قوى الاعتدال في العالم وأدت الى إنكفائها وفشلها في ادارة الصراع لصالح الاستقرار والامان
وفي مقدمة الفشل هو مايتعلق بالقضية الفلسطينية، وتراجع فرص السلام العادل والشامل كحل مقبول لكل الاطراف، لقد أنتجت كل هذه العوامل مناخات سياسية ساعدت على تصعيد حدة التوترات، وأثرت سلباً على نوعية الحياة في كل جوانبها.
أن ما يحصل في منطقتنا المهمة والحيوية في العالم، خير دليل على أن تفاعل وتداخل الاحتقانات والمآسي، عقّد سبل المعالجة والحلول وأدى الى استمرارها، وساهم في إذكاء التطرف والتعصب نتيجة لتفاقم مشاعر الاحساس بالحيف والتمايز والتهميش والاقصاء وفقدان معنى المواطنة.
فضلاً عن سيطرة الخوف وتراجع الحريات الأساسية، والاصلاحات السياسية وتوسع رقعة العوز والفقر، الذي يلف أنحاء كثيرة في العالم ومنه منطقتنا، وفقدان الهوية الوطنية الجامعة التي حل مكانها الجهوية الضيقة، والطائفية السياسية والمناطقية والارهاب، حيث تسبب كل ذلك بتهيئة الأرضية والحاضنة المناسبة لتجذير التطرف عقائدياً وفكرياً وسياسياً.
مما يستوجب اجراء اصلاحات فورية في المفاهيم السياسية والأقتصادية والثقافية، والنظر في إعادة هيكلة المؤسسات الاقليمية كجامعة الدول العربية والدولية، كمنظمة المؤتمر الاسلامي والأمم المتحدة، والتي نأمل ان يساهم منتدى الدوحة في بحثها بعمق.
إزاء كل ذلك فأننا جميعا مدعوون للعمل على تحقيق أهداف المنتدى، في إيجاد التقارب بين دول العالم، وتعزيز الحوار البناء وأيجاد آلآليات اللازمة، لبحث الازمات والتي تقوم على إختلاف الرؤى والتوصل الى حلها، في سبيل بناء حقوق المواطنة وإرساء قواعد العدل والسلام.
ولقد دعونا في العراق الذي يصارع اليوم قوى التطرف والارهاب والطائفية السياسية، الى عقد مؤتمر اقليمي، برعاية دولية، لإيجاد التفاهمات على قواعد واضحة في بناء العلاقات السليمة، التي تقوم على تبادل المصالح وتوازنها من جهة، وعلى احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية من جهة اخرى، وأعطاء الفرص الواقعية لتحقيق الأمن والأمان، واستقرار ورفاهية شعوبنا ودعم السلام العالمي.
وقد حظيت هذه الدعوة بمباركة البعض، ومنهم السيد أمين عام الأمم المتحدة، كما إننا وعلى الصعيد الداخلي في العراق والمنطقة نكافح لتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية، عبر عدالة تنصف الضحايا وتعاقب المجرمين، وأقامة دولة المؤسسات، وسيادة القانون والمواطنة الحقيقية، التي تنعم بالعدالة والمساواة، كذلك طالبنا بعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة وأمينها العام، لوضع الحلول والمعالجات، لمشاكل وآفات النزوح، والهجرة القسرية واللجوء السياسي، التي باتت تهدد المنطقة والعالم، والعمل على توفير الظروف للحد منها وتقليص تأثيراتها.
ان الاستجابة لهاتين الدعوتين، على الصعيدين الاقليمي والعالمي، تسهل عمليات التحول نحو العدالة والمساواة والتنمية وتكبح الانتهاكات، كما تعزز فرص الأمن الجماعي والوحدة المجتمعية والاستقرار الاقليمي والدولي، وتنشط التعاون في قطاعات الاقتصاد، والتبادل التجاري والثقافي والاعمار والاستثمار والطاقة والاتصالات والاعلام والصحة،
وتمنع عسكرة المجتمعات المحلية وسباق التسلح، بين دول المنطقة بما في ذلك حيازة الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل الاخرى، على حساب التنمية والحرية والعدالة الاجتماعية.
في الختام أرجو لمنتدى الدوحة الموفقية والسؤدد،والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المكتب الأعلامي للدكتور اياد علاوي
12 آيار 2015